عشية دخول الحرب الروسية الأوكرانية أسبوعها الرابع، مفجرة أزمة دولية حادة ومخاوف من انزلاقها لحرب عالمية ثالثة بين روسيا وحلف الناتو، تتواصل محاولات البحث عن صيغ حل سياسية ودبلوماسية قد تقود لوقف هذه الحرب.

وفي هذا السياق، قال الكريملين، الأربعاء، إن حياد أوكرانيا على غرار السويد أو النمسا هو التسوية التي يناقشها المفاوضون الروس والأوكرانيون حاليا.

وأوضح الناطق باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف: "إنه الخيار الذي يناقش حاليا والذي يمكن اعتباره تسوية".

من جانبها، أعلنت الرئاسة الأوكرانية أنها ترفض فكرة أن تكون كييف محايدة على غرار ستوكهولم أو فيينا مطالبة بـ"ضمانات أمنية مطلقة" في وجه روسيا.

وللتعليق على حظوظ هذه الصيغة المطروحة في النجاح، يقول إحسان الشمري، مدير مركز التفكير السياسي، في حوار مع "سكاي نيوز عربية": "قد يكون هذا الطرح مخرجا وطوق نجاة لروسيا خاصة من هذه الحرب الباهظة الأثمان، في مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، لكنه سيصطدم ربما مع رفض أو أقله تحفظ من قبل المنظومة الغربية التي لا بد من أن توافق على هذا المقترح الروسي للبدء بالتفاوض حوله، فضلا عن الضمانات الروسية التي يمكن أن تقدم في هذا الصدد لأوكرانيا كي لا يتكرر سيناريو الهجوم عليها مرة أخرى".

فالحرب نبهت القادة الأوكرانيين، حسب الشمري: "إلا أن التخلي عن الترسانة العسكرية التي كانت تملكها البلاد منذ أيام الاتحاد السوفييتي السابق، هو ما جعلها في موقف الضعف عسكريا وهو ما شجع موسكو تاليا على استضعاف كييف وإملاء الشروط عليها".

ويضيف: "هذا المقترح غالبا سيصطدم كذلك بعدم قبول كييف له، وقد يجد الاتحاد الأوروبي فيه محاولة لتحييد أوكرانيا ومنع غيرها من دول أوروبا الشرقية من الانضمام له وجعلها ضعيفة جدا ومسلوبة الإرادة من قبل موسكو تحت يافطة الحياد، وهذا لا يخدم بالطبع لا الاتحاد الأوروبي ولا حلف الناتو".

من جانبه، يرى طارق سارممي، الكاتب والمحلل السياسي، في لقاء مع "سكاي نيوز عربية" أن "هذه الصيغة ليست جديدة تماما، وهي من أهم الشروط التي وضعتها موسكو منذ بداية الحرب لوقفها، وهو اقتراح منطقي ومخرج عملي معقول من هذه الأزمة الحادة التي باتت تعصف بالعالم كله بتداعياتها الخطيرة".

أخبار ذات صلة

بعد اجتماع تمهيدي.. قمة الناتو على صفيح أوكراني ساخن
الاتحاد الأوروبي يُفعّل قانونه الخاص لمواجهة "أزمة القرن"

ويتابع: "هذا المبدأ الحيادي معمول به ومعتمد في الكثير من الدول التي عادة بفعل حظها الجيوسياسي العاثر والمعقد، تتحول إلى دول محايدة وحتى منزوعة السلاح أحيانا، بفعل وقوعها في مناطق متفجرة على خطوط تماس صراعات نفوذ ومصالح تقليدية بين قوى عالمية كبرى".

وهناك نماذج عديدة في القارة الأوروبية تحديدا، كما يوضح سارممي، "لدول التزمت الحياد طيلة حروب دولية كالحربين العالميتين والحرب الباردة، ولم تدخل في محاور واستقطابات وسباقات التسلح وبناء ترسانات عسكرية جرارة، ومع ذلك هي الآن من أقوى الاقتصادات الأوروبية وتملك تجارب ديمقراطية وتنموية متطورة جدا، فمثلا السويد التي أشار إليها المقترح الروسي كنموذج، وكذلك دول مثل النمسا وسويسرا وفنلندا، والتي هي على مرمى حجر من روسيا، فما الذي يحول دون تكرار هذا السيناريو بنجاح في أوكرانيا؟".

ويضيف الباحث والمحلل السياسي: "الحكمة تقتضي من الجانب الأوكراني القبول بهذا الطرح والتحول لدولة محايدة وقليلة التسليح إلا لأغراض دفاعية بحتة دون الوقوع في فخاخ نزاعات دولية كبيرة ومنافسات تاريخية بين موسكو والعواصم الغربية كلندن وواشنطن، هي في النهاية أكبر من أوكرانيا كما ثبت خلال هذه الحرب المؤسفة، ولعل ما سيجبر كييف على القبول بهذه الصيغة ولو على مضض أن المواقف الأطلسية والغربية في دعمها لها تقتصر على ممارسة ضغوط دبلوماسية واقتصادية على موسكو، وهو ما لم يفلح في كبح جماح روسيا عن المضي في الحرب لتحقيق أهدافها وعلى رأسها ضمان حيادية أوكرانيا".